باحث مصري، حاصل على ماجستير في الفلسفة من جامعة القاهرة، مختص في الإسلاميات والتصوف، يكتب في المجلات والدوريات العلمية والجرائد مقالات تهتم بالشأن الديني في مصر. مدير موقع طواسين. صدر له العديد من الكتب، نذكر منها: “معنى أن تكون صوفيًّا”، “شمس تبريزي: إبريق من الخمرة الإلهيّة”، “مولانا جلال الدين الروميّ والمولويّة العربيّة”، “المستشرقون والتصوّف الإسلاميّ”، “سفراء التصوّف في العالم الإسلاميّ”، وكتاب “أميّة النبيّ” بالإشتراك مع المستشرق الألمانيّ سباستيان غونتر، أعدّ وحقق ثلاثة كتب في أدب الجدل والدفاع بين الإسلام والمسيحية ثلاثتها لمحمد توفيق صدقي المعاصر للأستاذ الإمام محمد عبده.
في هذا الكِتابِ نَقرَأُ الهَوامِشَ الَّتي يَراها مُؤَلِّفُه جَديرَةً بالتَّسجيلِ عن المُتونِ الضَّخمَةِ، يُحاوِلُ المؤَلِّفُ أَلَّا يَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّا يَلمَسُ النَّاسُ، وهُوَ مِنهُم، يُحاوِلُ أَنْ يَكتُبَ نَفسَه، لا أَنْ يَنقِلَ مِن الآخَرين ما لا يُعَبِّرُ عَنْ حَقيقَتِه لِيدَّعِي مَكانَةً لَيسَت لَه، وقَد جَمَعَ في أَشتاتِهِ المتَفَرِّقاتِ جُملةً مِن الأَحاديثِ عَن الإِنسانِ والقُرآنِ والنُّبُوَّةِ والأَولياءِ والتَّصَوُّفِ- راجِيًا أَنْ يَكونَ فيها ما يَبعَثُه ويَبعَثُ غَيرَه على الاسْتِمرارِيَّةِ في البَحثِ والتَّفكيرِ والكَدْحِ.
جَمَعَ هَذا الكِتابُ بَينَ دِفَّتَيْه مَقالاتٍ وتَرجَماتٍ ومُراجَعاتٍ عَن التَّصَوُّفِ الهِنديِّ والفارِسيِّ والتُّركِيِّ بِقَلَمِ رائِدِ الدِّراساتِ الشَّرقِيَّةِ عبد الوهاب عَزَّام. أَغلَبُ هَذِه المقالاتِ كانَ مَنشُورًا في المجلَّات المصرِيَّةِ في بدايَةِ القَرنِ الفائِتِ، ورَغمَ تَقادُمِ الزَّمَنِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ المقالاتِ لا غِنى عَنها لِكُلِّ دارِسٍ وباحِثٍ في التَّصَوُّفِ الإِسلاميِّ وآدابِ الأُمَمِ الإِسلامِيَّةِ؛ لِغِناها وثرائها المعرِفِيِّ، ولِكَونِها اللَّبِنَةَ الأُولى الَّتي انْبَعَثَ مِن خِلالِها الاهتِمامُ بالتَّرجَماتِ عن اللُّغاتِ الشَّرقِيَّةِ. وقَد رَأَينا في جَمعِها ونَشرِها تَحفيزًا للطُّلَّابِ والعاشِقين لِهَذا اللَّونِ مِنَ الآدابِ عَلَى مُتابَعَةِ السَّيْرِ في هَذا الطَّريقِ، وتَتْمِيمِ المسيرَةِ الَّتي بَدَأَها الرُّوَّادُ المُخلِصونَ في مِصرَ، وأَحدَثَت آثارًا عَظيمَةً في جَميعِ البُلدانِ العَربيَّة.
الصُّوفيُّ يَبحَثُ عَن قَلبٍ يَنبُضُ بالحَياةِ، يَطلُبُ الرَّشادَ إِلَى مِعراجٍ سَماوِيٍّ كُلَّ لَحظَةٍ، تَتَجَدَّدُ فيه صِلَتُه بالله، يَكونُ اللهُ صَديقَه الأَوحَدَ ومُطْعِمَه وساقِيَه، لا يَبحَثُ عَنْ كَنزٍ مِن المالِ والمادَّةِ، بَل يَطلُبُ فَتحَ كُنوزِ الرَّحَماتِ حَتَّى تَتَنَزَّلَ عَلَى العِبادِ، لا يُريدُ أَنْ يَرى إِلَّا اللهَ، وفي كُلِّ حُسْنٍ يَرَى صورَةَ اللهِ وَتَجَلِّياتِهِ، يُريدُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِن غُبارِ النَّفسِ الزَّائِفِ، ومِن تُرابِها الَّذي يَمنَعُهُ عِن الحَياةِ، يَطلُبُ العَفوَ وَإِنْ تَوَرَّمَت قَدَماهُ قِيامًا وصَلاةً للهِ، يَطلُبُ النُّورَ الأَعلَى وَإِنْ كانَ في حَضرَةِ رَبِّ العِبادِ.